يراقبه من بعيد، ينظر إليه بإعجاب…
إنه صديقه (أحمد) الطالب المتفوق ذو الاخلاق الحسنة، كان (حسن) يعتبره مثلًا أعلي في الإجتهاد، فكان
يراه أنه (الطبيب أحمد) في نهاية المطاف، فلا يمكن أن يكون احمد غير ذلك.
كانا صديقين في نفس المدرسة لكنهما غير مقربين، فأحمد لديه أصدقاء آخرين أقرب إليه كثيرًا من حسن، فكان أحمد يتطلع دائمًا إلي مصاحبة المتفوفين من أقرانه، بينما حسن من متوسطي المستوي الدراسي، ولم يكن كذلك من أبناء العائلات الثرية (الهاي لايف) كما يقولون والتي كان أحمد يحرص علي صداقتهم، لذلك كان حسن في ذيل قائمة الأصدقاء لديه.
وعلي الرغم من ذلك فكان حسن يحاول التقرب منه قدر المستطاع، فكان يتواصل معه هاتفيًا بل يحفظ رقم هاتف منزله، ويهاتفه في الأجازة الصيفية بعد إنتهاء الدراسة ولم يفعلها أحمد مرة واحدة، وكان في رمضان في بعض الأحيان يستضيفه أحمد للأفطار مع صديق آخر من المقربين، وبالطبع يرد حسن الإستضافة في القريب العاجل وهو في غاية السعادة أن صديقه المفضل في بيته.
مرَّت الأيام وتفرَّق الإثنان في المرحلة الثانوية، لكن حسن لم ينساه وكان يهاتفه ليطمئن عليه وكالعادة أحمد في وادٍ آخر لا يعيره من الإهتمام الكثير، إلي أن إنتهت الثانوية العامة، وبالفعل إلتحق أحمد بكلية الطب جزاءً وفاقًا علي جِده وإجتهاده وإلتحق حسن بكلية التربية.
وذات يوم رآه حسن في الجامعة يركب سيارة والدته ولكنه كان متعجلًا ولم يستطع أن يقابله هذه المرة، فعلم أن والدته تعمل هنا في الجامعة فعزم علي مقابلته في وقت آخر فقد إشتاق إليه كثيرًا فقد مرت ثلاث سنوات لم يراه فيها مرة واحدة.
وبعد أيام كان حسن واقفّا خارج الجامعة ينتظر حافلة للمواصلات العامة ليغادر بعد نهاية اليوم الدراسي، وأثناء ذلك لمح أحمد قادمًا بسيارته فتهلل وجهه، وإنفرجت أساريره فها هو صديقه الذي غاب عنه لسنوات قادم وبالتأكيد سيكون الشعور متبادل واللقاء سيكون حميمًا.
لكن سرعان ما تبدَّل وجهه من البسمة إلي العبوس وشعوره من الفرح إلي الحزن والصدمة، فقد لمحه أحمد عندما إقترب منه لكنه أشاح بوجهه للجهة الأخري حتي مر من أمامه وتخطاه.
ليس الحزن الذي كسا وجهه بالذات في هذه اللحظة، بل الصدمة كانت سيدة الموقف، فهل لهذه الدرجة لا يريد صديقه القديم أن يراه أو يتذكره حتي!!!!، وسأل نفسه، ماذا فعلت أنا حتي يُشيح وجهه عني، ما الجُرم الذي إرتكبته حتي يتجاهلني؟؟.
لم يجد إجابة لأسئلته فصفاء نيته ونقاء سريرته منعته من إدراك أن (الدنيا مظاهر) كما يقول العامة، منعته من إدراك أن الطبيب يجب أن يكون صديقه طبيبًا، لا يمكن أن يكون أقل من ذلك، والضابط يرافق مثيله، و أنه حتي وإن كنت صديقًا وفيًا ورجلًا صالحًا فلا يحق لك أن تتعدي حدود المظاهر الإجتماعية لتفوز بصداقة من هو اعلي منك منصبًا أو أعلي منك قيمة في عيون الناس…..
وبعد مرور سنين في مكان عام…
جمعت الصدفة بينهما فحسن كان جالسًا مع خطيبته، وكان أحمد في الجانب الآخر يجلس أمامه لكنه لم يره، وبعد إنقضاء الوقت قام حسن ليغادر فوقعت عينه علي صديقه الذي رآه أيضًا لكن هذه المرة أشاح حسن بوجهه عنه وقال في نفسه(لا تستحق صديقًا مثلي)…. تمت