google-site-verification=0srey4iLihuuP-9f3u-tWZ6N2qo1heq4Dz3hMod1G18
أخبار عاجلة

محمد يوسف عرابين يكتب ” الدفرسوار “

” ١٨ / اكتوبر ١٩٧٣ م – ٢٤ / اكتوبر ١٩٧٣ م ”

بادئ ذي بدء نقول ، بعد أن حققنا لإسرائيل خسائرها الفادحة في الطائرات والمعدات ، استنجدت بأمريكا والتي عوضتها عن كل ما خسرته من طائرات فانتوم معدلة ، وصواريخ ، وقنابل موجهة ذات كفاءة عالية ، مما ساعدها علي التسلل من فتحة ستة كيلو ونص بين الجيشين الثاني والثالث ، والتي عرفت باسم الثغرة ، أثناء مرحلة الثغرة ، قامت قاذفاتنا الثقيلة بضرب مطارات الطور ، ورأس النقب ، وقامت قاذفاتنا التكتيكية بمهاجمة المواقع الحصينة شرق بور فؤاد ، وكذلك قامت قاذفات الصواريخ بقصف رادارات العدو في ” بئر العبد ، أم مرجم ، بالوظة ، شرم الشيخ ” ، كما قامت بقصف قوات العدو التي تسللت إلي منطقة الثغرة ، وصبت قوتها من القنابل والصواريخ ما يعادل في قوته التدميرية قوة التفجير النووي التي أحدثتها قنبلة هيروشيما الشهيرة التي أخرجت اليابان مهزومة من الحرب العالمية الثانية .

إن ” معركة السويس” ( ٢٤ – ٢٥ اكتوبر ١٩٧٣ م ) تمثل أحد أعظم ملامح الصمود في التاريخ المصري ، حيث أظهرت مدي قوة الإرادة الوطنية والتلاحم بين الجيش والشعب في مواجهة العدو الاسرائيلي ، وأصبحت نموذجا يعتدي به في كيفية تصدي المدنيين البواسل للغزاة ، مما عزز من الروح الوطنية وأعاد للأمة العربية الثقة في قدرتها علي مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، وكانت المقاومة الشعبية عاملا رئيسيا في إفشال الهجوم الاسرائيلي ، حيث تكبدت القوات المهاجمة خسائر فادحة واضطرت للانسحاب بعد يومين فقط من بدء القتال ، واعتمد المقاتلون علي التحرك من مبني لأخر مما صعب علي القوات الإسرائيلية تحديد مواقعهم بدقة وجعل المدينة بأكملها ساحة معركة غير متوقعة للعدو .
بدأت القوات الإسرائيلية هجومها علي مدينة السويس في صباح يوم ٢٤ اكتوبر ١٩٧٣ م من ثلاثة محاور رئيسية باستخدام الدبابات والمشاة الميكانيكية مدعومة بغطاء جوي ومدفعي كثيف ، وكانت الخطة الإسرائيلية تعتمد علي تحقيق اختراق سريع للمدينة عبر محور المثلث ومحور الأربعين ومحور طريق القاهرة – السويس ، حيث اعتقدت القيادات الإسرائيلية أن المقاومة داخل المدينة ستكون ضعيفة وأنها ستتمكن من احتلالها بسهولة ، ومع تقدم القوات الإسرائيلية نحو مداخل المدينة واجهت مقاومة شرسة من قوات الجيش المصري وعناصر الشرطة والمقاومة الشعبية الذين استخدموا الأسلحة المضادة للدبابات ، والكمائن المدروسة لإبطاء التقدم الإسرائيلي ، واستخدمت المقاومة اسلوب الكمائن المتنقلة حيث كانت تهاجم الدبابات ، والمركبات الإسرائيلية من الأزقة مما أدي تدمير العديد من الدبابات ، والمركبات الإسرائيلية ، وتعطيل حركة القوات المتقدمة ، وكانت المفاجأة للقوات الإسرائيلية هي الشراسة التي واجهتها داخل المدينة حيث تحولت شوارع السويس إلي ساحة قتال شرس ، واستخدمت المقاومة الشعبية في السويس تكتيكات حرب المدن بفعالية ، وبمهارة عالية في إرباك القوات الاسرائيلية وأفقدها ميزة القوة النارية ، والتفوق التكنولوجي ، ومن أبرز الأساليب التي استخدمتها المقاومة هي : –

١- نصب الكمائن ، كانت المقاومة تعتمد علي التخفي داخل المباني ، واستهدفت الدبابات ، والعربات المدرعة الاسرائيلية عند دخولها الشوارع الضيقة .

٢- استخدام القذائف ، كانت الأسلحة المضادة للدروع مثل قذائف RPG- 7 موجهة ضد الدبابات ، والمركبات مما مكنت المقاومون من تدمير العديد منها في معركة الاربعين ، وكان ميدان الأربعين أحد المواقع الاستراتيجية داخل المدينة حيث قامت القوات المصرية والمقاومة الشعبية بنصب كمين محكم للقوات الاسرائيلية التي حاولت التقدم نحوه ، وعندما دخلت الدبابات والمركبات الإسرائيلية إلي الميدان وجدت نفسها محاصرة من جميع الجهات حيث انهالت عليها النيران من الأسلحة المضادة للدروع ، والمقاتلين المتمركزين في المباني المحيطة ، وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات حيث قتل وأصيب عدد كبير من الجنود وتم تدمير العديد من الدبابات والمركبات المدرعة خاصة في الكمين المحكم بميدان الأربعين ، .

٣- قطع خطوط الإمداد : –
قام المقاتلون بقطع الطرق الرئيسية داخل المدينة مما منع القوات الإسرائيلية من إعادة التزود بالذخيرة والمؤن ، وجعلها عرضة للهجمات المستمرة من جميع الجهات .

كما أن شدة القتال جعلت من الصعب علي القوات الإسرائيلية تلقي الإمدادات أو تنفيذ انسحاب منظم مما زاد من خسائرها وجعل موقفها أكثر صعوبة.

خلاصة القول : –
فشلت إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية من الهجوم ، ووجدت نفسها في وضع حرج بعد أن أصبحت قواتها داخل الثغرة معزولة ومهددة من الجانبين ، واضطرت القوات الإسرائيلية إلي الانسحاب من المدينة مساء يوم ٢٥ اكتوبر ١٩٧٣ م بعد يومين من القتال العنيف والخسائر الكبيرة التي تكبدتها ، وكان لفشل الهجوم الاسرائيلي علي السويس نقطة تحول حاسمة في الحرب حيث أجبر إسرائيل علي القبول بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب .

إلي اللقاء

تحياتي
د. محمد يوسف عرابين

المينا الحمرا البترولي ، مدينة العلمين الجديدة ، مرسي مطروح ، جمهورية مصر العربية
eng.marabeen@gmail.com

شاهد أيضاً

محمود حافظ يكتب .. السياسة وعقيدة الانتماءات الحزبية مشكلة المتحولون

الإنتماء لحزب عقيدة ، يجب أن تكون بقناعة وذات رؤية وأهداف ورسالة ، فى إطار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *